Cookies management by TermsFeed Cookie Consent الدراسة الفلسفية للمراجعة

القائمة الرئيسية

الصفحات

 الدراسة الفلسفية للمراجعة


الدراسة الفلسفية للمراجعة
الدراسة الفلسفية للمراجعة


بالرغم من العلاقة الوطيدة بين المحاسبة والمراجعة، فإن طبيعة كل منهما، لها ما يميزها عن الأخرى. فالمحاسبة تتميز بطبيعة إنشائية تقوم على تجميع وتصنيف وتلخيص البيانات بطريقة مفهومة، حتى يمكن إيصالها إلي الأطراف المعنية، أما المراجعة فتتصف بطبيعة انتقادية تحليلية، حيث أنها تختص بفحص، وقياس ما أعدته المحاسبة.

ومن الملاحظ أن الإلمام بالأفكار الأساسية للمراجعة، لا يتم التوصل إليه عن طريق دراسة نظرية المحاسبة وأفكارها، بل يتطلب ذلك دراسة لطبيعة المراجعة ذاتها.

ويظهر لنا من دراسة طبيعة المراجعة، أنها مجال متخصص للمعرفة يرتكز على البرهان والقرينة. ومن ثم فإن جذورها تنبع من المنطق، وهذا بطبيعة الحال يجعل من الممكن القيام بدراسة فلسفية لطبيعتها.

خصائص الدراسة الفلسفية

و في هذا المجال يجب ملاحظة أن الدراسة الفلسفية تتميز بعدة خصائص هي الشمول والنظرة العامة وبعد النظر والخيال. فالشمول يعني فهم الكل وليس كل جزء على حدة، ومن ثم فإنه في مجال دراسة طبيعة المراجعة يجب البحث عن الآراء والمبادئ التي تعتبر - نسبياً عامة مثل القرائن والإفصاح والاستقلال ودراستها. فدراسة مثل هذه المفاهيم المطبقة على نطاق واسع يقودنا إلي إيجاد هيكل شامل وملائم للمعرفة في مجال المراجعة. أما النظرة العامة فتنصب على النظرة الواسعة والضرورية لفهم الحقيقة، وأهمية الأشياء كاملة، ومن ثم فإنه في دراستنا لطبيعة المراجعة يجب أن نطرح جانباً وجهات النظر لأي موضوع، وأن يكون الحكم على أساس أهميته الكلية. ويعد النظر كخاصية ثالثة للدراسة الفلسفية يعني عمق الاستقصاء والدراسة لغرض التوصل إلي الفروض الأساسية. وفي مجال المراجعة فإن هذه الفروض لم تطرح للمناقشة والتقييم، وطالما أن الوضع كذلك فإن المناقشات حولها ستستمر مع أمل ضعيف في التوصل إلي نتائج إيجابية. وإيضاح وقبول هذه الفروض يعتبر أساساً لتكوين نظرية للمراجعة، وذلك إذا أردنا أن نتجنب التحيز ونقلل من التعليل غير الحكيم في هذه المجال من مجالات المعرفة. وأخرياً فإن الخيال الذي نقصده في نطاق الدراسة الفلسفية لا يعني إطلاق العنان للتأمل أو التصور غير المعقول، ولكن يعني أن يرتفع الباحث من الخصوصيات إلي الاحتمالات الأوسع بغية التنبؤ بالمستقبل، وخاصة في موضوع مبتدئ ونامي مثل المراجعة.

أقسام العلوم

و من ناحية أخرى نجد أن طبيعة المراجعة تحدد نوع العلم الذي تنتمي إليه. ولقد أمكن تقسيم العلوم المختلفة إي خمس مجموعات رئيسية هي:
  • 1- علوم تجريدية جامدة: وهي تتضمن معظم أواع المعرفة المنظمة، مثل المنطق، والرياضة.
  • 2- علوم وصفية: والتي تتكون من العلوم التي تعتمد على الملاحظة والوصف لبيانات فعلية، مثل الكيمياء، والسيكولوجي.
  • 3- علوم استنتاجية: وهي علوم مشتقة من العلوم الوصفية وتتميز بضيق مجالاتها مع التعمق في دراستها. ومن أمثلتها علم المعادن، وعلم النبات، وعلم الأجناس.
  • 4- علوم مركبة: وهي علوم تقوم على تجميع أجزاء من علوم أخرى. من أمثلة هذه العلوم، علم الجيولوجيا الذي يركز على الاهتمام على دراسة الأرض، مع تجميع أجزاء من المعرفة من العلوم الأخرى مثل الطبيعة، والكيمياء والحفريات.
  • 5- علوم تطبيقية: وتتمثل هذه العلوم في أقسام منفصلة من العلوم المختلفة، أو المزج بين مبادئ بعض العلوم وإجراء دراسات خاصة لها ترتبط بالواقع. ومن الأمثلة على ذلك، علوم الهندسة، والزراعة والطب وعلم النفس المهني.

المراجعة ضمن العلوم المركبة والتطبيقية

ويمكننا القول بإن طبيعة المراجعة جعلتها تدخل ضمن كل من العلوم المركبة والعلوم التطبيقية. فالمراجعة تشترك مع العلوم المركبة في أنها تقتبس من العلوم الأخرى بعض الأفكار ولكن بعد التعديلات عليها لتلائم الطبيعة المميزة لها. ومن الأمثلة على ذلك، إن المراجعة تختص بالقرائن التي يعتمد عليها مراقب الحسابات في إبداء رأيه الفني المحايد، ومن ثم فإن ذلك يتطلب دراسة نظرية المعرفة، والطرق المختلفة للحصول على الاقتناع، وتعديلهما بما يتلاءم مع مشاكل المراجعة. لأن نظرية المعرفة تتحدث عن القريبة والاقتناع بصورة عامة غير محددة بنطاق طبيعة عمل المراجعة. كذلك فإن المراجعة تختص بالمعاينة الإحصائية وعندئذ يحب الرجوع إلي نظرية الإحصاء، ولكي يتم اختيار طرق المعاينة الإحصائية الملائمة فإنه يجب الأخذ في الاعتبار طبيعة البيانات المالية وخصائصها والتي تختلف عن تلك البيانات الموجودة في المجالات الأخرى. ومن ناحية أخرى فإن التمثيل العادل للقوائم المالية يستمد من المبادئ المحاسبية المتعارف عليها والتحليل المالي ونظرية الاتصال. وأخيراً فإن الأداء المهني يتطلب الإلمام بقواعد العلاقات السلوكية بين الأفراد.

ومن ناحية أخرى فإن المراجعة تمثل علماً تطبيقياً في طبيعته. لاهتمامها بالتطبيقات والمشاكل اليومية العاجلة، ومراعاة احتياجات المواقف المهنية المختلفة وآداب سلوك المهنة. وبذلك فهي تلعب دوراً هاماً في حياتنا الاقتصادية، يتطلب قدراً معقولاً من الاهتمام لإيجاد نظرية منظمة ومقنعة، وتطبيقها في المشاكل المختلفة التي تواجه المشروعات.

مستويات المعرفة في مجال المراجعة

وتتكون المعرفة في مجال المراجعة من عدة مستويات، ففي القاعدة يبرز الأساس الفلسفي والذي يتواجد في كل العلوم الأساسية والذي يتمثل في مبادئ العلوم التجريدية. وينبع من هذا الأساس الفلسفي مجموعة من القروض التي تمهد لوضع عدد من المفاهيم الضرورية. وتتضافر المستويات الثلاثة السابقة ( الفلسفة الأساسية، والفروض، والمفاهيم ) في تحديد مجموعة من التوصيات والمبادئ التي يسترشد بها مراقب الحسابات عند التطبيق العملي. ومن هذا يتضح أن التطبيق العملي يختص مباشرة بالتوصيات والمبادئ، ونظراً لأن الأخيرة تعتمد على المستويات السابقة من هيكل المعرفة في المراجعة، فإن هناك علاقة غير مباشرة بين التطبيق العملي وكل من الفلسفة الأساسية والفروض والمفاهيم السابق تحديدها. ويمكن إبراز ذلك على هيئة دائرة تمثل المعرفة ككل، وفي مركزها يوجد لب المعرفة والأنواع المختلفة من العلوم وهي الرياضة والمنطق وعلم ما وراء الطبيعة. ومن هذا المركز يتم استنباط الأساس الفلسفي للمراجعة متضمناً الهدف منها، وطبيعة المعرفة التي تحويها، والمنهج الذي يتبع في معالجة مشاكلها، والفروض التي تقوم عليها والتي تتمشى مع الهدف الموضوع وتأخذ في الاعتبار الإمكانيات والقيود للمنهج المقترح. ومن الأساس الفلسفي تنبع الفروض الأساسية للمراجعة والتي تتخذ كأساس لتحديد المفاهيم الأساسية والمبادئ والتوصيات التي يجب على مراقب الحسابات مراعاتها عند التطبيق العملي.

ولا شك أن هذا التفكير أوضح المجالات التي تستمد منها المراجعة العديد من المبادئ بعد تعديلها لتتلاءم وأهدافها، ومن هذه المجالات المحاسبة، والإحصاء، القانون، الإدارة. وكذلك فإن هذا الإيضاح أفصح عن العلاقة بين الأساس النظري والتطبيق العملي في المراجعة. ولقد تركز الاهتمام في الماضي على الجانب العملي لها، مع إهمال الجانب النظري واستخدامه كأساس لاقتراح الحلول بالنسبة للمشاكل النابعة من التطبيق العملي.


تعليقات

التنقل السريع