Cookies management by TermsFeed Cookie Consent الأزمة الاقتصادية في مصر

القائمة الرئيسية

الصفحات

الأزمة الاقتصادية في مصر 


الأزمة الاقتصادية في مصر
الأزمة الاقتصادية في مصر

مقدمة

إن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد المصري ، تمثل امتداد طبيعي لأزمة التنمية. لكن الأزمة الاقتصادية وأن كانت إحدى تجليات أزمة التنمية هي انعكاساً تراكمياً للاختلالات الهيكلية مصحوباً بعوامل وظروف تضافرت نتيجة خلل في عمل قوى ومؤسسات السوق لإحداث ظواهر الركود، وأخرى لنشأة عجز السيولة أو أزمة السيولة. ونعرض فيما يلي لأبعاد ومؤشرات أزمة الركود، وأزمة السيولة، ثم للعوامل الاقتصادية المولدة لهما بما في ذلك أثر الاختلالات الهيكلية المتراكمة في منظومة التنمية.

مؤشرات أزمة الركود:

تتمثل أهم مؤشرات أزمة الركود في الآتي:

  • 1- تراجع مؤشرات التعاملات في الأسواق، سواء في سوق الأوراق المالية التي تشهد مؤشراتها ركوداً واضحاً ممثلاً في انخفاض الأسعار وضعف حجم التعاملات، أو في أسواق السلع والخدمات متمثلاً في تراجع عمليات البيع والشراء.
  • 2- تراكم المخزون السلعي غير القابل للتصريف عبر مختلف القطاعات بدءاً من مخزون السلع المستوردة، إلي مخزون السلع الاستهلاكية المنتجة محلياً، إلي الوحدات السكنية المتراكمة.
  • 3- تراجع الاستثمار سواء كان الاستثمار الوطني أو الأجنبي.
  • 4- سيادة اتجاه انكماشي في مختلف القطاعات نتيجة تراكم المخزون، وتقلص التعاملات. ويبرز هذا الاتجاه من توقف الكثير من المشروعات الاستثمارية وتراجع التوسعات، بل وتقليص حجم الإنتاج في أغلب القطاعات، مما يعني تزايد الطاقات العاطلة لدى المشروعات. وقد زادت نتيجة لذلك حالات الإفلاس في مختلف القطاعات الإنتاجية.

أزمة السيولة

وتتمثل أهم مؤشرات أزمة السيولة في التالي:

  • 1- انخفاض قدرة القطاع الخاص على الوفاء بالتزاماته النقدية المستحقة للبنوك أو أطراف منشآته.
  • 2- الانخفاض الملحوظ في معدل دوران النقود، فرغم ارتفاع حجم السيولة الإجمالي متمثلاً في ارتفاع كمية وسائل الدفع ( كمية النقود وأشباه النقود ) والسيولة المحلية، إلا أن معدل دوران النقود تراجع المتمثل في حاصل قسمة الناتج القومي على حجم السيولة الإجمالي.
  • 3- ضعف وجفاف السيولة النقدية في المعاملات التجارية حيث ارتفعت قيمة الكمبيالات المخصومة وكذلك حالات الشيكات المصدرة دون أرصده، وفي هذا مؤشرات تنذر بتهديد مصداقية الأوراق التجارية، وتهز ركائز الثقة اللازمة في التعاملات التجارية في الأسواق.
  • 4- انخفاض السيولة فيما بين وحدات الجهاز المصرفي، حيث ارتفع معدل الفائدة في عملية الإقراض، ويشير ارتفاع هذا المؤشر إلى ندرة وسائل الدفع لدى القطاع المصرفي، أي نقص السيولة.
  • 5- بنفس القدر الذي توجد فيه أزمة سيولة على مستوى الاقتصاد ككل، فهناك مؤشرات لسوء توزيع وإدارة السيولة المتوافرة. ويشير البعض إلي أن أزمة السيولة ليست موجودة بشكل متماثل عبر الأجزاء المختلفة للاقتصاد المصري، فهناك أسواق وفئات تعاني أزمة سيولة خانقة، بينما توجد مواقع وفئات أخرى لديها فائض سيولة. ويمثل هذا الاختلال في توزيع السيولة وإدارتها، نتاجاً طبيعياً لسوء توزيع الدخل والثروة، ومن القوة الشرائية، في المجتمع المصري عموماً.

العوامل الاقتصادية للأزمة

يرى بعض الاقتصاديين أن أزمة الركود، باعتبارها تمثل مرحلة انكماشية في الدورة الاقتصادية، تختلف في طبيعتها وأسبابها عن تلك المسببة لأزمة السيولة، فمرحلة الركود في الدورة الاقتصادية لا تعرف نقص السيولة، بل هي عادة ما تصطحب بعكسها، أي وفرة في السيولة، والانخفاض في سعر الفائدة. والركود الذي عرفته مصر منذ ما يقرب من عشرون عاماً كان ركوداً تضخمياً. ومن طبيعة هذا النوع من الركود أن يقترن بالتضخم عال الأسعار يستمر لفترة طويلة نسبياً. وبحكم أن وطأة التضخم تصيب ذوي الدخل الثابت، فتنقص من قوتهم الشرائية، لذلك فهو يلتهم شرائح كبيرة من القوة الشرائية للفقراء وأصحاب الدخل المتوسط وفوق المتوسط، بينما يطلق العنان لارتفاع دخل الأثرياء. والتضخم بهذه التوابع يجرد جبهة عريضة من قطاعات الإنتاج من عملائها من الطبقة ذات الدخل المتوسط وفوق المتوسط، حيث يتحول هؤلاء - بحكم انخفاض دخلهم الحقيقي نتاجاً للتضخم - إلى استهلاك السلع التي كانت تنتج أصلاً للفقراء. ويتجه الأثرياء بحكم تسارع النمو في ثرواتهم إلي الاستهلاك الترفيهي المفرط، مما يعني توجه جزء من النشاط الإنتاجي والاقتصادي لخدمتهم.

وهكذا يتحول الجزء الأكبر من طاقة الجهاز الإنتاجي لخدمة شرائح واسعة من سلع الفقراء، ولخدمة شريحة أضيق - وإن كانت أكثر ربحية - من سلع الأثرياء. وقد زاد من هذا الاختلال، أن السلع المذكورة، سواء كانت للفقراء أو للأثرياء، لا يستطيع الجهاز الإنتاجي الوطني توفيرها بالكميات اللازمة في حالة السلع التي يستهلكها الفقراء، ولا على توفيرها بالمواصفات المطلوبة وباقتصاديات مناسبة في حالة السلع الموجهة للأثرياء. وهذا يعني أن جزءاً من الطلب الفعال في كلتا الحالتين يتم تلبيته من خلال الاستيراد. ويفاقم هذا الاختلال أن الزيادة في الاستيراد، لا يقابلها قدرة نامية لدى قطاعات الإنتاج على التصدير، مما يعني ازدياد العجز في الميزان التجاري نتاجاً لاتساع الفجوة بين الاستيراد والتصدير.

يتبين مما سبق أن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد المصري حالياً بجانبيها: الركود والسيولة تعتبر امتداداً طبيعياً لأزمة التنمية، وليست ظاهرة مستقلة عنها. بالرغم من أن كل منهما يمثل بعداً مستقلاً له عوامله الخاصة به إلا أن اجتماعهما معاً يؤدي إلي تضافرهما وتفاعلهما في تفاقم وتعظيم الآثار السلبية لهما، لتصل الأزمة الاقتصادية إلي المدى والتعقيد الذي بلغته حالياً.

 المراجع

- عبد الفضيل، محمود ( 2000 )، حول أزمة السيولة والركود، صحيفة الأهرام، 16مايو.

- الغندور، أحمد ( 2000 )، جذور الأزمة في الاقتصاد المصري، وجهات نظر، مجلد2، العدد2.

تعليقات

التنقل السريع